(بوحٌ إلي بحر الشتات)

الشاعر / محمد الزقم

(فتاة سوريَّة من حلب شرَّدتها الحرب إلى بلاد الإمارات الشَّقيقة)

(بوحٌ إلي بحر الشتات)
يا رند…
يا أبهى زهور الشَّامِ…
يا عطرًا تسلَّل فى عروق الأرضِ
يا نور البشارة
يا رندُ…
يا أسطورة اليونان…
لحنٌ بأندلس الحدائق والقوافى
يا رند …يا لغة الحضارة
آوَّاهُ يا أبهى القلاع…
كيف السَّبيل إليك يا أعلى منارة؟!
……. …….. ………

حلبٌ تنادى …
أشجار فستقها…ولوعة وردها
دمع الكمان…
لامتْ هياج البحر فى عين الحسان…
تبكى رقيق البوح للعشَّاق…ألحان السَّواقى
وتبوح أوجاع المكان
تبكى نسيم َالصُّبح…السكون على جناح الَّليل
لمعةَ الضَّوء المشاكسِ فوق أعينِ طفلةٍ…
تشكو الحنان
حلبٌ تلوم هدوء سوسنةٍ بحضن الهمس
أصوات المآذن…
وتلوم أجراس الكنائسِ…والجنان
وتذوب من لمس الرِّياح…
من دمع حبَّات النَّدى فوق الشَّجر
حلبٌ تنادى نجمة تبكى الوداع…
وهى الحبيبة للقمر
حلبٌ تنادى …
والقلب تملؤهُ الخنادق والحفر
قد كان لى صبحٌ …أمان
فاض الأمان بكفِّ إبراهيم
إذْ …حلب الشِّياه
رفَّ الأمان على النُّعاس
آهٍ أنا الشَّهباء…
شمسٌ…فوق راح الماس
…… ….. ……

هجم الظَّلام ولم يعد …إلاَّ الرَّصاص
مَنْ حاصر الأحلام فى عين الصِّغار؟
والخوف غول…!!
والضِّرع ينزف بالدِّماء مع الحليب!!
والنَّفى دينٌ فى بلادى….!!
والعدل عار!!
والموت صار هو الحصار
والَّليل ليلٌ سرمدىٌّ…
ليس يدركهُ نهار
حلبٌ تئنُّ سهولها…وجبالها
والغيم ينقش فى المدى …
هجر الدِّيار
وعلى عيون رجالها …
آلاف أحلامٍ تموت
وبحار دمعٍ…صار مدٌّ …ثمَّ مدٌّ
ليس يعقبهُ انحسار
لكنَّما…
حلبٌ تعيش…
حلبٌ تعيش… ولن تموت
ورجالها لا ينحنون…
هم ينزفون…وجرحهم
يغلى …ينادى بانتقام
من أجل من ذبح البلابل والحمام…؟!
من أجل صلب الوئام…؟!
……. …….. ………

يا رند…
يا زهرةً قد لفَّها بحر الخليج
يحنو…
يسامر شَعْرَها عند المساء
ووددتُّ لو أنِّى أنا بحر الخليج
لو أمتطى الرِّيح الحرون…
كَىْ أعبر الأزمان والأحزان…والقهر
…الحواجزَ والحدود
أنسابُ فى الشَّعر الظلامىِّ البهيم
أنساب فى عطرٍ بهيج…
وأذوب فى سحرٍ يموج
قد شرَّدتنى الرِّيح فى سبعٍ …مشيت بلا أملْ
وتموج بالدَّمع المُقَلْ
أوَّاهُ لا أجد الأمارة كى أَصِلْ
وإليك آهٍ …قد تعبتُ ولم أصِلْ
عينانِ قاتلتانِ آهٍ…
كلَّما أبحرت يومًا فيهما…أزداد جهلا…
عينانِ أهوى فيهما ماءً وظلاَّ
عينانِ أهوى فيهما لغزاً وحلاَّ
وألومُ فى بحريهما شمساً وليلا
من يا ترى فكَّ الطَّلاسم فوق عينيكِ…
ليقرأ فيهما…
الحزن والأمل …الجنون…!!
كسلٌ حنون!!
من يقرأ …
الموت …الحياة!!
من يرصد السُّهد…الشَّتات!!
ويغوص فى الأعماق…
كَىْ يجد السَّراب…
وتموج أسرار العتاب
……. ……. …….

يا من تخيط الثَّوب…!!
كى يلملم …يحتوى …
قهرَ الجراح
والحبّ والعشق المباح
والذكريات تئنُّ …أسطرها ضجر
وأضيع من نفسى أنا…
لأكون أوجاع البشر
…. ……. ……

ووددتُّ لو أنِّى أنا…
ثوبٌ من العشق المطرَّز بالحنين
حبٌّ يلمُّ اليوم أوجاع السِّنين
هذى هى الأهداب …
دربٌ للعيون
الليل دمعى …
والأنا…
ناىٌ حزين
أتسلَّلُ الأشواق…
أعبر للوريد
وأظلُّ أسبح …كالشُّعاعِ غوى الصَّباح
وسأعشقُ القيد… الحصار!!
فالسِّجن فى عين الحبيبةِ…
جنَّةُ المأوى…وآمالٌ كبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى