مني النمر تكتب: الطلاق نهاية ….. أم بداية

لكل شئ بداية و ما دامت هناك بدايات يوجود نهايات..

قد تكون سعيدة ، و قد تكون بعضها مؤلمه أو ثقيلة …

فهل نحن من نختار النهايات كما كانت البدايات أم فرضت علينا و لا يد لنا فيها …..

فنجد البعض قد يضطر لاختيار نهاية لا يتمناها و لكن لا سبيل للنجاة إلا بها ، لأنها قد تكون أخف الضرر .

هنا تكون قراراتنا غير قابلة لأي تأجيل ؛ لتجنب الكثير من الوجع و المشاكل الاجتماعية الخطيرة المترتبة على التسويف و التأجيل على أمل تغير الطرف الآخر ، و التي أثبتت التجارب الحياتية صعوبة تحقيقها و فشلها في أغلب الأحيان .

و مع اعتبار أن قرار الطلاق ليس بالقرار السهل بل من أصعب القرارات التي يمكن الإقدام عليها ، لما لها من وقع صعب نفسياً و اجتماعيا ، و لما سيترتب عليه من نتائج ستغير من مجرى حياة جميع أفراد الأسرة .

و لكنه يكون فى بعض الأحيان القرار الأصوب ،
فحينما نجد أنفسنا داخل متاهة لا نهاية لها ، و نعيش حياة لا تمت لنا بأى صلة ، بل مجرد سنوات تزداد في خانة العمر على أمل أن غدا سيكون أفضل ، و لكن هذا الغد لا يأتي أبدا سيكون هو القرار الأصوب ….

و عندما لا يكون هناك مشاعر أو رصيد من ذكريات جميلة تشفع وتنقذ هذه العلاقة من الفشل ، فكل طرف يعيش فى عالمه الخاص ، متعمد تزييف الواقع كى تستمر الحياة سيكون هو القرار الأصوب …

و عندما نشعر بالوحدة رغم كثرة الزحام ، وعندما تكون لغة الصمت هى اللغة السائدة فلا وجود للغة مشتركة أو حتى حوار ..
و عندما يتزايد الإحساس بعدم الأمان ، فيصبح ما يفترض أن يكون السكن و الملجأ ، أبعد ما يكون عن الراحة بل أكثرها توتر و تعب أعصاب ؛ حينها سيكون القرار الأصوب .

و حينما يكون أقصى ما نتمناه أن ينتهى اليوم بدون مشاكل أو صفعة جديدة من الخذلان تزيد من عمق الفجوة بين ما نريد و ما هو أمر واقع ، سيكون القرار الأصوب

فما فائدة العيش تحت سقف واحد و القلوب شتى ..

بل ستكون الحياة حينها بيئة خصبة لتحول أصحاب البيت إلى مرضى نفسيين ، ينشدون الراحة و العطف و الحب خارج أسوار المكان ؛
هنا تتولد الخيانات بجميع أنواعها ، و تتشتت الأولاد
و يولد جيل ملئ بالعقد لا ينتمي لأحد ، فلكل فرد له شأن يعينيه ، يرى الآخر و لا يشعر به .

وهناك البعض الذي يجبر على التألقم أو التحايل ، فيكون الطلاق قائم بالفعل لكن بدون أوراق رسمية ..!!
ويعد هذا أشد و أقصى أنواع الطلاق على الزوجين و الأولاد في ذات الوقت .

فيما يسمى بالطلاق النفسي أو الطلاق الصامت !!

فكل من الزوجين له حياة منفصلة تماما لكنها داخل إطار الزواج الظاهري ، حفاظاً على الشكل العام و المظهر الإجتماعي ،و هذا من أشد أنواع العلاقات السلبية و المؤذية ، فنجد أنفسنا في المنتصف المميت ، فلا نحن قادرون على المضى قدما و لا الرجوع قدما .

مما ينذر بنتائج كارثية على جميع الأطراف …

فلا يشترط طلاق الأبوين لضياع الأولاد ، بل قد يكون وجودهم وسط بيئة مفككة من أكثر العوامل المؤدية لهذا ..!

فنجد حالات إنتحار الأبناء برغم وجودهم في عائلات ذات مستوى إجتماعي و ثقافي جيد .
أو اتجاههم إلى أصدقاء السوء و إدمان المخدرات فكلها نتائج لعرض واحد
« التفكك الأسري »
حينها قد يكون الإنفصال هو الحل الأمثل و الأصوب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ..

هى ليست دعوة للطلاق بقدر ما هى دعوة لتحرير أرواح تأن من الألم تحت دعوى الشكل العام و نظرة المجتمع و أحيانا كثيرة الاحتياج المادي ..

لذا أحسنوا الاختيار جيدا عند الزواج فليس بالقلب وحده تستقيم الأمور ..! فالعقل أيضاً يحب و يتعلق وإذا أحب العقل أرتاح القلب.

و علينا أن يترفق بعضنا ببعض ، و ألا ننصب أنفسنا قضاة على الآخرين ما دمنا لم نمر بما مروا به ، فلا نضيق ما أحله الله .

فمن حكمته عز و جل أنه قال فى سورة النساء « وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما»

لهذا أحله الله فهو أبغض الحلال و لكنه فى أوقات كثيرة المنفذ الوحيد للنجاة.! «فالله يعلم وأنتم لا تعلمون »

فالندع كل إنسان و شأنه هو أعلم بما يسعده و بما يشقيه .

و علينا أن نكون رحماء فيما بيننا ، فلكل امرئ ما يكفيه .

و في النهاية قد يكون الطلاق في هذه الحالات بمثابة ميلاد جديد ، بداية حياة و ليس نهايتها .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى