مني النمر تكتب: الإهمال الطبي … و قانون المسؤولية الطبية !!؟

لعل حادثة الفنانة المحبوبة ياسمين عبد العزيز أثار موجة من الحزن و الغضب .
و فتح التساؤلات مرة أخرى ، عن مشروع قانون المسؤولية الطبية المقدم لمجلس النواب من فترة ليست بالقليلة و كذلك عن أسباب تأخير إقراره .

فليس من المنطقي و مع كل ما يحدث من طفرة فى الملف الصحي تحت رعاية سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، و مع كل ماتم من إنجازات و معجزات لم نتصور أن تحدث فى هذا الوقت القصير .

 

من القضاء على فيرس سي ، البلهارسيا ، مبادرة 100 مليون صحة ، منظومة التأمين الصحي الجديدة ، مبادرة دعم صحة المرأة المصرية ، و النجاح في إدارة و تحجيم فيروس كورونا بالرغم من قلة الإمكانيات مقارنة بالدول الكبرى و مع هذا التعداد الضخم من السكان .

فلا يليق أبدا و مع كل هذه الإنجازات ، أن يظل قانون المسؤولية الطبية حبيس الأدراج حتى الآن .

و بما أن وقائع الإهمال الطبى تعد من الوقائع التى يصعب اكتشافها وإثبات الجريمة على الطبيب أو المستشفى الصادر ضدهم البلاغ ، حيث إن تقرير الطب الشرعى هو العامل الوحيد و المحرك لتلك القضايا، و التي يصعب فيها تحديد سبب الوفاة و التي تشخص غالبا على أنها نتيجة مضاعفات للعملية التى تم إجراؤها .

هذا من ناحية و من ناحية أخرى قد يتم التلاعب فى مستندات الحالة الطبية للمريض فى حال وجود الإهمال الطبي .

وهناك العديد من النماذج والأمثلة الواقعية سواء فى المستشفيات الحكومية أو الخاصة فالكل فى ذلك سواء والفارق الوحيد هى الأموال التى يدفعها المريض .

فكم من إنسان راح ضحية تشخيص خطأ أو إهمال طبي وهناك الكثير من المهازل داخل غرف عمليات المستشفيات لأناس ليس لهم حول ولا قوة ،
فنسمع عن أطفال يتموا ، وأسر دمرت و شباب تم تدمير مستقبلهم .

فدائما ما يدفع الفقراء الثمن لأنهم الغالبية العظمى ممن يتعرضون لهذه الحوادث ولأنهم ليسوا ممن يسلط عليهم الاضواء فلا يعلم أحد عنهم شئ .

و لا يقتصر الخطأ أو الإهمال الطبي داخل غرف العمليات فقط ؛

فقد يكون نتيجة تشخيص غير صحيح أو وصف دواء بالخطأ مما يؤدي لتغيير مصير و حياة أشخاص كثر لا ذنب لهم سوى إنعدام ضمير بعض القلة من الأطباء .

و حتى عند تقديم شكوى ضد طبيب أخطأ كل ما يناله من العقوبة هو خصم أو نقل إلى مستشفى آخرى ، و لا يجد أهل المريض سوى الاستسلام لنهايات مأساوية .

و قد عكف المشرع المصري على إصدار عددا من التشريعات الطبية الهامة ومن بينها قانون مواجهة الطوارىء الطبية، إلا أن الحديث عن إصدار قانون رادع وشامل لحماية حقوق المريض والطبيب والمعروف بقانون “المسئؤولية الطبية ” لم يصدر حتى الآن،

لذا فإن إصدار قانون المسؤولية الطبية يعد أمرا هاما الآن ،لاسيما أنه يحفظ حقوق المريض والطبيب .

و عند طرح مشروع القانون للمناقشة ؛
قد أبدى قطاع التشريع بوزارة العدل بعض الملاحظات حول مشروع القانون لاحتوائه على مخالفة لنص المادة 97 من الدستور التى حظرت تحصين أى عمل أو قرار من رقابة القضاء ، وأن إلزام القاضى بالاستعانة بخبير فنى بعينه و كذلك الالتزام بما انتهى إليه تقرير الخبير من شأنه الإخلال بالمبادئ القانونية ؛
كذلك الاعتراض على العقوبات السالبة للحرية حال ثبوت الخطأ الموجب للمسئولية الطبية ، وهو ما يعد إخلالاً بمبدأ المساواة المنصوص عليه بالمادة 53 من الدستور ، و الخلط بين الغرامة كعقوبة جنائية والتعويض المدنى ، كل هذه الملاحظات و التي لم يتم مناقشتها أو تعديلها حتى الآن ، مما أدى إلى تأخر إقرار القانون فى مجلس النواب .

و نتساءل هنا عن سبب التأخر فى إقرار المشروع رغم أهميته الشديدة !!

فنجد أنه يأتي دور رأس المال و تدخل الكيانات الطبية و المستشفيات الكبيرة في عدم خروج القانون إلى النور و تعطيله أكثر من مرة للتصديق عليه فى مجلس النواب السبب .
و لأننا نعيش الآن فى الجمهورية الجديدة ؛ فلا للمواءمات أو الفساد ، أو الإهمال و الاستهتار بحياة البشر .

و نود أن نؤكد هنا على :
« من أمن العقاب …. أساء الأدب »

فهذه العبارة فى غاية الأهمية و الخطورة ، و تعد مدخل للنفوس الضعيفة التي لا يحكمها أو يردعها سوى القانون .

أنه نداء و استغاثة فكل دم بني أدام حرام
قال الله تعالى فى كتابه الكريم :
‏(من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) . صدق الله العظيم

لا تجعلوا من مهنة الرحمة باب للظلم و إزهاق الأرواح بغير ذنب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى