مخاوف من “تسليم العراق لإيران” بعد الانسحاب الأميركي المحتمل

كتب/ صالح العوامي

مع تواتر الحديث عن انسحاب أميركي محتمل من العراق نهاية العام الجاري، تزامنا مع جولة رابعة للحوار الاستراتيجي بين البلدين، وعشية زيارة رئيس الوزراء مصطفي الكاظمي لواشنطن، لا تخفي العديد من القوى السياسية والمكونات العراقية، وعلى رأسها السنة العرب والأكراد فضلا عن التيارات العلمانية والمدنية في أوساط الشيعة العرب، مخاوفها وقلقها البالغ من الخطوة الأميركية المرتقبة.

وأصدرت مجموعة من القوى والشخصيات السياسية والعشائرية العربية السنية العراقية، خلال مؤتمر صحفي عقدته في عاصمة إقليم كردستان العراق، بيانا جاء فيه: “بعد التصريح الأخير الذي صدر من رئيس وزراء العراق قبيل زيارته لواشنطن، الذي جاء فيه أن الهدف الرئيسي من هذه الزيارة هو مناقشة جدولة انسحاب القوات الأميركية القتالية من العراق – وبإملاء وشروط من قيادات الحشد الشعبي – كما صرحت بذلك قياداتهم أيضا، فإن جميع القوى وشيوخ العشائر والشخصيات المشاركة في هذا البيان والموقعة عليه ترفض – وبشكل قاطع – انسحاب القوات الأميركية من العراق الآن”.

وأضاف البيان: “كما أنها ترفض مطلب الكاظمي بجدولة انسحاب هذه القوات، لأن انسحاب القوات الأميركية في هذا الوقت سيدخل العراق في فوضى وخطر كبير ونفق مظلم، لأنه – وكما هو معلوم لدى الجميع – فإن منطق اللادولة والميليشيات هو الحاكم الفعلي للعراق الآن”.

وتابع: “لا سلطة للحكومة على الميليشيات التابعة لإيران – كونها هي الأقوى – وقد رأى العالم كله ذلك من خلال دخولها المنطقة الخضراء عدة مرات، والاستعراضات بالأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة، وإطلاق سراح المطلوبين من الحشد – رغم أنف الحكومة – وتهديد رئيس الوزراء بقطع أذنيه، وما يحدث من خطف وقتل في بغداد وغيرها من المحافظات العراقية، والتحكم بالقرار السياسي والاقتصادي والأمني للعراق، والدفاع بالنيابة عن حكومة إيران علنا، وكذلك لأن هذه الميليشيات طائفية بامتياز”.

ويقول الأمين العام لـ”تجمع إنقاذ العراق ورفض التوسع الإيراني” عبد الرزاق الشمري، وهو من الموقعين على البيان، في حوار مع موقع “الجالية”: “كما تعلمون صدر بيان من القوى الوطنية الرافضة لخروج الأميركيين من العراق الآن، وعقدنا مؤتمرا صحفيا لتوضيح أسباب دعوتنا لعدم خروج القوات الأميركية”.

ويضيف: “مطالبتنا ببقائها وعدم انسحابها لا يعني أننا نرضي بالاحتلال الأميركي، لكننا الآن أمام احتلالين إيراني وأميركي أحلاهما مر، فالاحتلال الأميركي زائل لا محالة كونه احتلال وقتي يزول بتحقق المصلحة، أما الإيراني فاحتلال ينطوي على بعد أيديولوجي وعقائدي لا يمكن إزالته”.

ويعتبر الشمري أن “المعركة مع الاحتلال الإيراني هي أن نكون أو لا نكون، لذلك طالبنا ببقاء القوات الأميركية لحين عودة العراق لما قبل عام 2003 من الناحية الأمنية، بمعني أن تكون مؤسسات الدولة ومنها العسكرية والأمنية قادرة، وأن يتحرك المواطن العراقي دون خوف وتمييز، أما خروج الأميركيين الآن فهو يعني تسليم العراق لإيران على طبق من ذهب”.

ويضيف: “نطالب الولايات المتحدة بتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية، فهي من سلمت العراق للميليشيات الإيرانية، وعليها تحمل مسؤولية إخراج تلك الميليشيات من العراق”.

ويتابع الشمري: “تجمعنا يضم أكثر من 10 قوى وكيانات سياسية ومدنية، فضلا عن العديد من شيوخ العشائر ورموزها، من مختلف المحافظات العراقية، والتجمع رغم طغيان الطابع السني العربي عليه فإنه يعمل في إطار وطني وليس طائفيا”.

أما الكاتب والمحلل السياسي العراقي علي البيدر، فيقول في حديث مع موقع “الجالية”، إن “مسألة الوجود الأميركي في العراق مرهونة بالواقع العراقي وتقديرات المؤسسات الأمنية العراقية والإدارة الأميركية، ولا يمكن لواشنطن الرضوخ لرغبات بعض الجهات السياسية والميليشيات المسلحة في العراق بسحب قواتها”.

ويستطرد: “لا تزال هناك تهديدات حقيقية على الأرض، تتمثل خصوصا بعودة نشاط تنظيم داعش الإرهابي، وببعض المجموعات المسلحة المنفلتة والسلاح الميليشياوي، حيث ستصور كل تلك الجماعات المتطرفة خروج القوات الأميركية نصرا لها، ويمكن أن يفتح ذلك شهيتها لابتلاع الدولة العراقية”.

ويضيف البيدر: “هناك مخاوف جدية وقلق وسط المكون العربي السني من انسحاب القوات الأميركية من العراق، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة تهميشهم وفرض لون طائفي معين على البلد، وكذلك هناك قلق كردي أيضا من ذلك الانسحاب، لعدم وجود ضمانات تتعلق بعدم استهداف إقليم كردستان العراق من قبل الميليشيات المسلحة بعد خروج الأميركيين”.

ويردف: “انسحاب القوات الأميركية حاليا من العراق يعني تسليم البلاد رسميا لإيران، ونحن كعراقيين أمام خيارين لا ثالث لهما، ولا يمكن الوقوف على الحياد، فإما أن نكون مع واشنطن أو طهران”.

ويختم البيدر: “علينا التفكير بمصلحتنا قبل كل شيء، وهي تقتضي أن نكون مع الولايات المتحدة ومع الانفتاح على العالم والتفاعل معه، ولننظر لتجربة الدول المتقدمة التي تتواجد فيها القوات الأميركية كألمانيا وكوريا الجنوبية، وإلى واقع حال الدول المأزومة التي تتواجد فيها القوات والميليشيات الإيرانية، كالعراق وسوريا واليمن ولبنان، كي نتعظ ونأخذ العبرة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى