علي حسين عبد الفتاح يكتب: الدراما المصرية الحديثة تسئ للمراة المصرية “..

كانت الدراما المصرية قديماً تبرزُ دورَ المرأةِ في المجتمعِ وتؤكدُ مشاركتَها كعضوٍ فاعلٍ فيه بوجهٍ عام وعلي مستوي الأسرةِ بوجهٍ خاص، فكانت الدراما أفضل ما يمثلُ المرأةَ الفاضلة العالمة والمتعلمة والمضحية من أجلِ أسرتِها التي تربي أجيالاً وتتحدي الفقرَ والظُلمَ، حيث أظهرت الزوجةَ في اخلاصِها لزوجِها والأمَ المربية التي تتفانى في إخراجِ نشأٍ وجيلٍ سويٍّ مُتعلمٍ حتي وإن لم تتلقي قسطاً كافياً من التعليم، كما أظهرت الدراما قديماً المرأةَ العاملة التي لعبت دوراً هاماً في نهضةِ المجتمعِ وأثبتت نفسها في شتى مناحي الحياة المختلفة فكانت بإصرارِها وإرادتِها وتَحَمُلِها ِمثالاً ودليلاً كعنصرٍ فعَّال وأساسيٍّ في إحداثِ التطورِ المُجتمعيّ إضافةً إلى أنّ الدراما أكدت علي احترامِ وطاعةِ الأم وشجعت علي الحب والإخلاصِ للأخت والعطف والتفاني في اسعادِ الإبنة، كانت الدراما تُظْهِر المرأةَ في صورةِ الحنانِ والأمانِ والرعايةِ والمسئولية، فعلى الرغمِ من قلةِ الموارد المادية والامكانيات الدرامية القديمة إلا أنَّ الدراما المصرية وقتها حافظت علي كرامةِ المرأةِ وأظهرتها كما يجب أن تكونَ بغضِ النظرِ عن سلبياتِ المجتمعِ ومشكلات الواقع وذلك يُشيرُ إلى أنَّه لابد للدراما أن تُسلطَ الضوءَ علي الإيجابياتِ كما لا ينبغي وأن تُهملَ السلبياتَ وكذا تعالجُ المشكلاتَ مع ضرورةِ الحفاظ علي الشكل الدينيّ والأخلاقيّ والجماليّ للمرأة المصرية، فتسليطُ الضوءِ علي ظاهرةٍ سلبيةٍ تَخُصُ المرأةَ أمرٌ ضروري لمعالجةِ تلكَ الظاهرة ولكن بشكلِ لابد وأن يُظهرَ قيمتَها ولا يقللْ من احترامِها ويؤكدُ علي الصورةِ التي يجب أن تكونَ عليها وهذا ما دأبت عليه الدراما المصرية قديماً.

لكن الحِقبةُ الأخيرة وبالأخصِّ العقدين الأخيرين لم تكنْ الدراما المصرية مُنصفةً بالنسبةِ لكلِّ الفئاتِ والأعمارِ عموماً وللمرأةِ خصوصاً، فأظهرت الدراما المصرية المرأةَ في دورِ اللا مسئولية والإهمال والتحرر الغير مُبرر فكانت الأم فيها تُربي أولاداً يشتغلون بتجارة المخدرات، أظهرت تلك الأمَّ المطلقه المعتمدة علي نفسِها ومن ثم تتجرد من الإنسانيةِ والامومة الفطرية تاركةً لمسئولياتِها الأساسية، وأيضا متعددةَ الأزواج والعلاقات حيثُ مثلت الدراما المرأةَ كسلعةٍ تُباع ولا تشتري متمثلةً في العُري والعُهر تحت مظلةٍ بائسة بأنَّها تُظْهِرُ الواقع كما هو وأغفلت أنها تَفضحُ وتُسئُ جيلًا كاملًا يقعُ علي كاهلهِ مسئولياتٍ جثامٍ من أجلِ بِنَاءِ دولةٍ والحفاظ علي الوطن، فلعبت الدراما الحديثة في الجينات الأخلاقية للمرأةِ التي تقدمها للمجتمع كأداةٍ للتثقيفِ والمعرفةِ وبناءِ معتقداتٍ واتجاهاتٍ تُشكِّلُ أطفالاً ومراهقينَ وشبابًا وفتياتًا وتُصدرهم للمجتمع.

فماذا ننتظرُ من جيلٍ تافهٍ مُهمشٍ؟! يري بلطجةً وعنفًا وألفاظًا خارجةً وعهرًا وفسادًا وسرقة ومخدرات، فرؤيةُ الأمِّ تُهان علي شاشاتِ التلفاز بشكلٍ يبدوا ممنهجاً ودعوةً لتعليمِ الأطفالِ الإهانة لها وتمثيلُ المرأةِ في وضعِ التحرشِ والإغتصابِ والعنفِ دون حسابٍ للفاعلِ الحقيقيّ ولا رقابة ولا ثقافة تردعُ ذلك وتدافعُ عنها فتكونُ بذلكَ ذريعةً للأولادِ والشبابِ للتجروءِ والاقدامِ علي فعلِ هذا الامر.

الفنُ رسالةٌ تهذب الوجدان… ترتقي بالمجتمعِ للأفضل… تبرزُ أفضلَ ما فيه… وتبلورُ السلبياتَ في صورةٍ مقبولة اجتماعياً وأخلاقياً… رسالةٌ حقيقيةٌ تعالجُ المشكلاتَ من جذورِها بطرقٍ وأشكالٍ بناءة غيرُ فاضحةٍ لا تسئُ للمرأةِ ولا لغيرها.
وما دون ذلك فلا حاجة إطلاقاً لإنفاِق كلِّ تلك الملايينِ سنوياً من أجلِ إنتاجِ هذا الكمُ من الهُراء.
والجديرُ بالذكرِ بأننا لابدَّ وألا نعترف بأيّ فن يحملُ رسائلَ هدامةً للعقولِ وفكرًا مريضًا وثقافةً ضحلة مُغايرةً لثقافتِنا ومعتقداتِنا لأنَّ الفنَ رُقيٌ ورفعةٌ وأخلاقٌ حميدة.

حظيت الدراما المصرية تَقدُماً مشهوداً في مواقعِ التصويرِ والاأدواتِ والتكنولوجيا المستخدمة كما أصبحت ذاتَ إخراجاً رائعاً وتأليفاً مشوقاً وتمثيلاً متألقاً وأداءًا محترفاً عن ذي قبل إلا أنَّ المحتوي والمضمون شهِدَ ركاكةً وفجاجةً وإسفافاً وإتلافاً وأسلوباً هداماً إلا مَنْ رَحِمَ ربي ولا أودُ هنا أنْ أعممَ ولكن الاكثرية والاغلبية تدعو المرأةَ إلى التحرِر الغير مقبول تحتَ شعاراتٍ ومسمي الاعتماد علي الذاتِ والاكتفاءِ بالنفسِ، وهذا يدعو المرأةَ الي اللا مبادئ المأخوذة من ثقافاتٍ لا تناسب مجتمعاتَنا ولا معتقداتَنا ولا دينَنا تحت شعارِ التقدمِ والرقيِّ لكن الرقيُ رقياً في الأخلاقِ سمواً في الفضيلةِ احتفاظًا بالثقافةِ واحترامًا للمعتقداتِ والأديانِ السماوية لا تقليداً أعمى مأخوذاً عن آخرين، فمضمونُ مثل الشعارات يُذْهِبُ بالمرأةِ إلى تفككِ الأسرة وتَبَّنِي ثقافاتٍ لا تناسب القيمَ والآدابَ المصريةَ الاصيلة ومن وجهةِ نظري لعلَّ ارتفاع نسب الطلاقِ والخلعِ ترجعُ بما لا يدع مجالاً للشكِ إلي الدراما الحديثة، أود أن أذكركم بأحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم عن مصرَ وأهلها وكيف أنَّهم في رباطٍ إلى يومِ القيامة؟ لا بد وأن نتدبرَ ونتأملَ في معانِ تلك الاحاديث…. فمن المسلم به والمعروف منذُ الازلِ (منذ عهد الفراعنه) أن مصرَ وأهلها يقدسون الأسرةَ ويحترمون العلاقة الزواجية ويشتهرونَ بالعاطفةِ والانتماءِ إلى الأسرةِ والأبِ والامِّ وما في تلك الأسرة من احترامٍ وتعاونٍ من الزوج لزوجته وتفاني الزوجة لإرضاءِ زوجها وتربية أولادها حتي وإن ماتَ عنها الزوج او طلقها، كانت المرأة بإختلاف دورها (أما كانت أو زوجة او اختا او بنتا) مصدراً للسكن والرحمةِ والأمانِ وتماسكِ الاسرةِ خلافا لثقافاتٍ أخري تدعو الفتاة والشاب إلى الانفصال عن الاسرةِ في سنِ محددة تحت مسمي الحرية الا أن الحريةَ هي حريةُ الفكرِ والرآي، فكان مقياسُ نجاحَ الأسرةِ هي المرأةُ واخلاصها في اتقانِ دورها مع عدم اغفالِ دور الرجل، والمجتمع يتكون من عددِ من المجتمعاتِ الصغيرة (الاسرة) فإذا تفككت الاسرة تفكك وانهار المجتمع بأسرة… هذا ما أريد توضيحه لك عزيزي القارئ….. فلابد من احترامِ قدسية المرأة لأنها عمودُ الاسرة إذا انهارت قيمتها انهارت الاسرة وانهار المجتمع… فالدراما تعكس صورةَ البلدِ والوطن وتناقش قضايا وتحل مشكلات وتؤسس وتُنَمِي معتقدات وأفكار.. فالمرأةُ أمانة ما جٌعلت للإهانة، وأيضًا الدراما أمانة ليس لها معني دونَ كرامةٍ وانسانية،نستطيعُ من خلالها ِبناءَ جيلٍ سويٍ ومجتمعٍ راقيٍ وطن باقي اذا حرصنا علي احترامِ المرأة ايمانًا منا بأهميتها وعفتها وكرامته

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى