احذروا فاقدى الذمم

بقلم: شوكت كمال

تشهد الحياة السياسية فى مصر حراكًا شديدًا خلال هذه الآونة، فبعد أن تم الانتهاء من انتخابات مجلس الشيوخ، الغرفة الثانية للبرلمان، بدأ إجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب، وتتبقى جولة الإعادة ببعض الدوائر فى بعض المحافظات بداية ديسمبر المقبل، وقد أدارت الدولة العملية الانتخابية بنجاح حتى الآن؛ وذلك بشهادة الخارج قبل الداخل، فقد ذكرت البعثة الدولية، فى تقريرها المبدئى، تزايد معدلات الإقبال والمشاركة من الناخبين فى عدد من المحافظات، خاصة فى المرحلة الثانية من الانتخابات، مثل (القاهرة، المنوفية، الشرقية، وشمال سيناء)، كما أشادت بمشاركة المرأة، وبرجال الأمن الذين أداروا العملية الانتخابية باحترافية شديدة.

 

إلا أن المشهد الذى تكرر فى المرحلتين الأولى والثانية من الانتخابات النيابية هو طغيان المال السياسى فى عملية شراء الأصوات من قبل بعض المرشحين، وهو أمر مؤسف للغاية؛ إذ كيف يقوم النائب بدوره الرقابي على السلطة التنفيذية، وقد وصل إلى تلك المكانة بالرشوة الانتخابية وشراء الذمم واستغلال حاجة البسطاء، فقد نقابل فى حياتنا اليومية وفى التفاصيل الصغيرة من خربت ذممهم، ومنا من ينصحهم بالسلوك القويم ومنا من لا يلقى بالًا لهم لأنهم أشخاص ميؤوس منهم ولا أمل فى إصلاحهم، أما أن يمثل شخص مجموعة كبيرة من بنى وطنه فى مجلس تشريعى، وقد نال ذلك بالغش والزيف، فتلك أعظم المصائب.

وهنا يأتى دور الإعلام الذى يطالب المواطنين بالمشاركة؛ فقبل أن يطلب منهم ذلك عليه أن يبين لهم أن المرشح الذى يشترى أصواتهم لا خير فيه ولا جدوى من ورائه، وأنه قد أخذ منهم أصواتهم، وهذا حقٌّ يملكونه، مقابل بضعة ملايين تمثل قدرًا قليلًا مما يمتلكه؛ فالناخبون الذين باعوا أصواتهم والمرشح الذى صار نائبًا بالرشوة لن يساعدوا فى بناء مجتمع ناجح ومتقدم بل يكرسون لبيئة فاسدة المناخ تؤصل للهدم والفشل والخيبة.

إن وسائل التواصل الاجتماعى قد شهدت تندرًا شديدًا حول ممارسات بعض المرشحين فى الانتخابات النيابية، الذين يوزعون فئات مختلفة من العملات الورقية تبدأ بمائة جنيه مرورًا بمائتى جنيه، وهناك من عرض ثلاثمائة جنيه مقابل الصوت الواحد، وتجد اسم المرشح ورقمه ورمزه الانتخابى مطبوعة على العملة الورقية، وأسفل ذلك «صوتك أمانة»، يا له من أمر مخزٍ حقًّا! أين الأمانة وأنت أيها المرشح قد عرضت رشوة على الناخب لشراء صوته؟!.

ومع تلك السلبيات هناك إيجابيات قد لمسناها فى نتيجة الفرز، حيث أسفرت عن غياب وجوه فى المجلس الجديد قد سئمناها ولم نعد قادرين على تحمل صخبها وضجيجها، وليس معنى ذلك أيضًا أن من كل من لم يحالفه التوفيق لا يستحق النجاح وأنه لا يصلح أن يكون نائبًا ولكنها مباراة فيها الفائز والخاسر. المهم أن من يفوز يكلل نجاحه بخدمة وطنه من خلال إعمال فكره وتقديم خبرته لسنّ قوانين تراعى المهمشين ومحدودى الدخل الذين يستحقون كل الدعم وسط أوضاع معيشية صعبة، لا أن يكون كمالة عدد، كما يسعى مع أعضاء لجنته البرلمانية لإيجاد تشريعات تساعد على النهوض بمصر وطننا الغالى، الذى نرجو أن يكون فى مصاف الدول المتقدمة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى