“الإهتمام” أبقي من “الحب”

بقلم / أحمد القاضي

من غرائب العلاقات الإنسانية هي مدلول الإهتمام وتفسيراته لدي الطرف الآخر.. “المهتم به

يولد الطفل رضيعا يشعر بأمه ، يتنفس رائحتها ، يطمئن بأنفاسها ، يسمع حتى دقات قلبها ، فيصرخ حيثما تتركه ، ويهدأ حينما تغمره ، يرتبط بها حيث لا يستطيع الاستغناء عن وجودها ، يكبر الطفل فيصبح صبيا ، يبتعد قليلا ، يغدو شابا يافعا فيبتعد اكثر واكثر ويستمر التباعد. “يؤكد دائما انه يحبها وسيظل يحبها فهي امه ولا شئ سواها ولكن قل اهتمامه بها” ، تكبر الأم تبدو علامات الإنحناء والعجز تكسوها.. أين الابن الذي كنت اهم من في حياته؟؟ لقد كنت اقدم له كل شي ، قدمت له الحب والعطف والإهتمام ولكنى اليوم فقط أرجو منه الإهتمام، اعرف انه يحبني ، اعرف انه يتمنى بقائي ، ولكنى لا اعرف لماذا لم يعد يهتم؟؟

مقدمة قصيرة لحياة طويلة تؤكد ان الاهتمام ابقى من الحب ، لا فائدة من حب بلا اهتمام.

في غالب العلاقات التي تنشأ في بدايتها يكون الطرف البادئ بالعلاقة هو الطرف الاشيك والاكثر إهتماما والذي يقدم كل أنواع الإهتمام والمودة للطرف الآخر رغبة منه في التقرب وبحثا عن التقدير المتبادل وهنا أرى أنه من الأولى ابداء الاهتمام بمن نحب ..أكثر من حب من نحب !! .. اذ أن الإهتمام هو شعور يحتاج إلى بذل دون قياس. هو قمة الإيثار ، هو تسخير كامل لجميع الحواس من أجل إسعاد من نحب. هو إنشغال دائم بالحبيب. هو نهر لا ينضب من العطاء ، الإهتمام يحتاج إلى تأمل الحبيب وإستشعار مكنوناته دون أن يشعر هو. كما ان الإهتمام هو تقديم مسبق للمشاعر دون طلب. ولكن الى متى ولماذا سنكمل ؟؟

ان استمرار التعلق والشغف مع الشعور بالجفاء من الطرف الاخر “المهتم به”  والذي يتظاهر بعدم الإكتراث واللامبالاة ويخفي تبادل نفس درجات الاعتناء مع من يقدم له هذا الشئ المسمي بـ”الاهتمام” يجعله يشعر بأن طلب الاهتمام يفقده كل قيمته  ، وبعد محاولات متعددة وصبر من الطرف الأول “المهتم” يقرر هو بإرادته البعد والإنسحاب ومن ثم الانغماس في علاقه أخرى تجعل ممن كان رقم واحد يتراجع فيصبح خامسا أو سادسا أو حتي عاشرا ، فلا يبادله نفس الإهتمام نظرا لأن العلاقة نفسها فقدت طعمها واحترقت من داخلها ، وتلك هي اللحظه الفارقة في العلاقة – يعاود الطرف المتروك شحن نفسه للبحث عمن كان مهتما به سابقا وقد كان أمامه طوال الوقت ولكن للأسف إنتهي الوقت ..اخر فتيل الشمعة قد احترق وتلاشت اجزاؤها تماما فقد كان امامك وبجوارك يطلب ودك ويرجو اهتمامك.. ولكن هيهات انطفأ الضياء واختفي الشعاع وعدت لظلام كان بيدك ان تجعله شعاع شمس جلي في ليلك المظلم

عذرا عزيزي الباحث .. “عليك البحث في مكان آخر..  فلا وجود للماس في مستنقعات بقايا العلاقات.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى