صحّة شعوب العالم مهدّدة بسبب التغير المناخي حسب تقرير حديث

مواليد البشرية الجدد سيواجهون من هنا وصاعدا تهديدات صحّية جدّية طيلة حياتهم في حال لم تُتّخذ إجراءات حاسمة لمكافحة التغير المناخي والاحتباس الحراري.

إضمن التقرير الصادر حديثا في مجلّة The Lancet الذي أتى كوثيقة حملت عنوان “العدّ العكسي حول الصحة والتغير المناخي”، نبّه خبراء ينتمون إلى 35 معهدا ومؤسسة وجامعة من ضمنها منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي من خطورة التغيّرات المناخية التي إن لم نوقف عجلتها السريعة ستطبع صحّة جيل كامل بمجموعة من المخاطر الصحّية الوخيمة من قبيل إصابات الربو ومشكلات القلب بسبب تلوّث الجو ومشاكل سوء التغذية جراء الاحترار المناخي.

في نفس التقرير الذي نُشر ما قبل أسابيع قليلة من بدء مؤتمر الأطراف الخامس والعشرين حول المناخ والذي يشكّل صدى للمخاوف التي باتت الناشطة السويدية الشابة Greta Thunberg رمزا لها في العالم، دقّ معدّو التقرير ناقوس الخطر بقولهم “إذا بقي الوضع على حاله بشأن الانبعاثات المرتفعة للكربون وتواصل التغيّر المناخي على الوتيرة نفسها، سيعيش مواليد البشرية الجدد في عالم أكثر دفئا بأربع درجات، الأمر الذي سيهدّد صحّتهم في جميع مراحل حياتهم بمعدل عيش وسطي سيبلغ سنّ الحادية والسبعين.

إلى هذا سيكون أطفال المستقبل أكثر عرضة من غيرهم للأخطار الصحيّة الناجمة عن التغيّرات المناخية. كما أنّ انعكاسات التغيّرات المناخية على الصحة ستتواصل حتى عندما يصبح الأطفال بالغين وسترافقهم هذه الانعكاسات طيلة الحياة. لذلك طالب التقرير الجديد “بتحرّك فوري من كل الدول لخفض انبعاثات الغازات المسبّبة للاحترار المناخي.”

ورأى التقرير أن “بدءا من المراهقة وصولا إلى البلوغ، سيتنشق الطفل المولود منذ اليوم وصاعدا هواءً ساما أكثر ممّا سبق بسبب الوقود الأحفوري والاحترار المناخي”.

وأضاف التقرير إلى أنّ هذا الأمر سيؤذي خصوصا الأطفال الذين لا تزال رئاتهم في طور النمو” واضعا قائمة بالعواقب المحتملة مثل “تراجع وظائف الرئة وتفاقم مرض الربو وارتفاع احتمال الإصابة بأزمة قلبية وبجلطات”.

وبناء على ما جاء في التقرير الصادر في مجلّة The Lancet، يظهر أنّ “الانبعاثات العالمية لثاني أكسيد الكربون الناجمة عن الوقود الأحفوري استمرّت في الارتفاع وزادت ما نسبته 2,6 % ما بين أعوام 2016 و2018 فيما ظلّت “الوفيات المبكرة المرتبطة بالجزئيات الدقيقة على حالها إذ نجم عن هذا التلوّث البيئي مليونين وتسعمائة ألف حالة وفاة في العالم.

ومن المحتمل أن ينجم عن التغيّر المناخي انعكاسات أخرى كزيادة الأوبئة المتعلّقة بالأمراض المعدية لا سيّما في صفوف الأطفال. إنّ الظواهر المناخية القصوى من موجات حر شديدة وجفاف وفيضانات وحرائق غابات بسبب الاحترار الحراري،
ستعزّز انتشار البكتيريا المسؤولة عن أمراض مثل الإسهال والكوليرا فضلا عن انتشار البعوض الناقل للأمراض.

ولفت التقرير إلى أن “التغيّر المناخي يجعل من حمّى الضَنك Dengue fever ، ذلك المرض الفيروسي، أحد أسرع الفيروسات انتشارا في العالم بسبب كثرة لدغات البعوض”.

بحسب الباحثين في علم الأوبئة، إنّ “السنوات التسع ما بعد عام 2000 توافرت فيها أفضل الظروف لانتقال عدوى حمى الضنك، ما سمح للبعوض باجتياح مناطق جديدة في أوروبا”.

من جانب آخر، أعرب العلماء عن قلقهم من ظواهر سوء التغذية الناجمة عن الاحترار المناخي. فمن يقول احتراراً مناخياً يقول تراجعاً في نسبة المحاصيل الزراعية. ومن يقول تدنّياً للمحاصيل الزراعية، يقول ارتفاعا في أسعار السلع الغذائية، ما يكون عاملا من بين مجموعة عوامل لتوسّع رقعة مشاكل سوء التغذية.

ختاما طالب الباحثون من خلال تقريرهم بأن يصبح “حصر الاحترار المناخي بأقل من درجتين مئويتين” أمرا حيويا تنادي به كافّة الدول تطبيقا لاتفاق باريس للمناخ. وشدّدوا على ضرورة أن تكون “انعكاسات التغيرات المناخية على الصحة في مقدّم جدول أعمال مؤتمر الأطراف الخامس والعشرين” في مطلع كانون الأول/ديسمبر المقبل في مدريد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى